الاثنين، 3 أكتوبر 2011

وجع في خاصرة الليل

قِصة رثاء كنتُ قدّ كتبتُها حدثاً لفاجعة حملة سوريا قبل سنوات حينما تدهورت حافلة الحمله على الطريق العام وهم راجعيين من الزيارة وقد توفى فالحادث عمتي وبنتها ونسوة كانوا فالحمله الذاهبة للعتبات المقدسة لحرم السيدة زينب بقلمي خاصرة الليل

حيثُ كان لـِ قلم الروايه حِزْنٌ هَتَكَ السمَاء بـِ لَوْعَتِه


فُصولاٌ مَمْزُوجَه بالدُموع .. كنت جالسآ في غرفتي الصغيرة وحيدآ كعادتي ,أتصفح بقايا ليل دامس وشتاء قارس ,وبجانبي شمعه مضيئة تنير درب وصالي الذي نسجته في لحظه وداع لغروب شمس ,وهى تختفي بقرصها الذهبي خلف تلك الجبال الشامخة فتلونها بمسحه قرمزية ناعمة ,وأرضية بيضاء ,لامعة تمتد بلا نهاية ,فينتهي الضوء ويمتد الظل الغائص في جوف أوراقي الملقاة ,وتتحول إلى ممر طويل لذاكره مليئة بألوان الحزن والأسى لتلك الليالي التي عشتها وعايشتها لبرهة من زمن عاثر ,حكمتها رحى الأيام بحلول الظلام .. أتذكر الذكرى حينها لماضي هزه اليتم بحالي ,وكأني بصحراء قاحلة يكاد جفافها أن يبيد بكل ما تحتويه ,أمسكت الناطق بدون لسان والمتحدث من القلوب فأصبحت ريشه في مهب الريح تكتم أمالي بيأسي ....



هي فاجعة إفتجعت بها تألمت فأبكاني حسها ,صرخت فأمطرت عيون أيامى لوداعها .. مشيت رويدآ رويدآ بين غرفتي الصغيرة ساعة أجلس على كرسي العلم وساعة أتتصفح أوراقي الملقاة ,أزيل عنها غبار الزمن ,أشاطر بينها وبين نفسي لماضي نديم ملؤه جوهر الإحساس بمنطق الأنفاس ,تحدثت لتك الأوراق كحديثي مع الناس ,فوجدت أن الشمس لا تزال مشرقه وتكويني بحنانها كحنان الأم لأطفالها ,وبينما كنت أراقص تلك الأوتار المتواضعة إذ شعرت بسنه في نفسي وكأني بعالم مختلف ألوانه ,فأبحرت عيناي بحلم جميل تقودها أشرعة السعادة إلى مرسى الأحلام ,وبمجاديف الأمل لبزوغ حياه جديدة مليئة بالعطاء .. وأصبحت مخيلة أحلامي تدق نواقيس الشوق تعزف وتلحن أوتار السعادة بين خلجات نفسها تسطر وتبروز عنوان مقصدها وجوهر وصالها ,,,
وفجأة خيم الصمت على وجهي وضللت متوجسآ في صمت مباغت تمددت على إثرها ضلال حروفي قبل أن تذوب في عتمة مساء غامض ....!!
فهاج البحر وهاجت أمواجه .. غاب القمر فختفت نجومه ,شعرت بأمواج عاتية تلوح بي يمينآ يسارآ ,وبشي يجتث بأعماقي ويحرك شعورى وكأنها عدوى في أوج مراحلها تحاول عرقله رحلتي ,الأمر الذي أرعبني بشدة وأنا بذالك الخيال الجامع الذي استوطن كتابي ,وكأنه إعصار الاحتضار يسحبني بشده نحو الهاوية فيحتضنني ويعيق حركه أنفاسي محاولآ حبسي بقارورة مليئة بكوابيس مظلمة شبيه بغيوم سوداء رعدية مخيفة تجتث الأخضر باليابس ,وكأن في الأمر شي ..
استعذت بالله ورجعت أتلذذ لذلك الحلم الجميل , ولكن الكوابيس رجعت إلي وكأنها تحاول أخباري بشي ما !!
.. حاولت استعاده توازني وأسلك طرقاتي ولكن دون جدوى ,,,
وفجأة أيقظتني دمعتي وسط صراخ أطفال يتامى على ضفة نهر من الدموع وبجانبه أعلام سوداء تنتحب على فقدانها ..
استيقظت لأرى الحقيقة وإذا بموكب عزاء أمامي ......
نساء نائحات وشباب يعزون .. وصراخ أطفال حيارى هزت سكون الليل ..
وعليل من جور الزمن يصرخ يا إلهي ساعدني على حالي ..
عويل نهار وسط سراديب دموعٍ صامته تنتحب على فقدانها .. وهى في ربوع شبابها ..
وطفل يصرخ امامي حائرآ بدموعه التي انهمرت كالسيل العرم ويقول بصوت مرتجف ,,,,
أخي لم يبكون ؟ لم ينتحبون ؟ من ذاك الشخص المغطى بالبياض ؟ ولم يلبسون السواد ؟
هو يقول وعيني تجهش بالبكاء لتلك اللحظات المؤلمة من فرط الزمن ..
وكأني وحيد بعالم غريب فأحسست أن رماد الزمن أنحسر عني فجأة .. وأصبح جسدي غارق في صمت أبدي لما يجري لي .... فهل أنا وحيد بهذه الألام التي تتساقط علي كالنيازك ..إذ أصبحت دموعي كحمم البراكين في انفعالاتها ,لم أستطع تحمل ذلك وكأن الجدران هي نفسها تحيط بي وتواسيني على فقدانها !..
دخلت غرفة طفولتي التي ضمتني بها ,شعرت بروعة وحنان طفولتي معها ولكن بشعار آخر وبعالم مختلف ,تذكرت حنانها وجوهر منطقها وعذب خطابها ونصائحها بيني وبين إخوتي ,بكيت حزنآ على ذالك الوقت ,فلقد كانت كالشجرة الحانية القوية التي أستند إليها دومآ وأتفيأ بظلها ,لم أكن أتصور أنها سترحل عنا فجأة ..
فـَ يا رب ساعدني فلقد فقدت عزيزة ..!!
لقد رحلت عن الدنيا سعيدة ونالت شهادة مديدة ..
رحلت وتركت أشبالآ يتامى وسط بحيرة من الدموع .. يا إلهي لقد تدفقت مياه البحر عبر النافذة لشدة صراخ أطفالها ..
فلقد رأيت الحزن الذي أحنى القامة الشامخة على وجه أطفالها ..
حتى القمر رأيته ينفلت من هالاته الملونة وضاع في فضاء مظلم ......!!!




بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق